اول كلية للطب فى تاريخ مصر الحديث

بين حنين بن اسحاق الطبيب الإسلامي الفذ في عهد الحضارة الإسلامية العريقة ، و كلوت بك رائد الطب الحديث في مصر، شهدت مصر فترة انقطاع عن العلم دامت ثلاثة قرون هي مدة حكم آل عثمان الأتراك، انقطعت فيها مصر عن العالم ، و انقطع العلم الحديث عنها .

فكيف دخل الطب الحديث مصر ، و متي أُنشئت أول مدرسة للطب الحديث في مصر؟

عندما جاء محمد علي باشا إلي سدة الحكم في مصر ، لم يكن في مصر مدارس للصغار أو الكبار ، و كان مظهر التعليم الوحيد هو الكتاتيب حيث يتعلم الأطفال القرآن ، و لم يكن هناك كليات أو جامعات لدراسة العلوم المختلفة ، إلا جامعة الأزهر للتعليم الديني . 

و لكن عهد جديد من الحداثة بدأ مع بداية حكم محمد علي ، فقد أُنشئت أول مدرسة ( كلية ) للطب الحديث في مصر عندما عرض أحد العلماء الفرنسيين الذين كانوا يخدمون الحكومة المصرية و اسمه كلوت بك ، علي محمد علي فكرة مشروع إقامة مدرسة ( كلية ) للطب يدرس فيها المصريون الطب الحديث ، و كتب في ذلك لمحمد علي يقول له " يجب أن يكون بمصر مدرسة للطب تكون تلاميذها من المصريين المخلصين ، الذين يغارون علي بلادهم و يحبون تقدم وطنهم" .

فسر محمد علي من فكرة المشروع وعهد إلي كلوت بك إنشاء المدرسة وإدارتها ، و بالفعل تأسست أول مدرسة للطب الحديث في مصر عام 1827 م بأبي زعبل ، و انتظم في الدراسة مائة و خمسون شاباً يتعلمون كل فروع الطب والجراحة لمدة أربع سنوات .

كلوت بك

فكانت هذه المدرسة نواة المدارس العليا ( كليات) في عهد محمد علي ، و تبعتها مدرسة للطب البيطري ، و أخري للهندسة ، و أخري للفنون و الصنائع ، و مدرسة الألسن الشهيرة ، و غيرها .

و في عام 1837م انتقلت المدرسة والمستشفي الملحقة بها إلي قصر العيني بالقاهرة ، و لكن عباس الأول الذي خلف ابراهيم باشا ، لم يكن لديه اي توجه نحو التحديث ، فكان عهده بمثابة انتكاسة لمشروع التحديث لمحمد علي ، فاضمحلت مدرسة الطب في عهده ، فترك كلوت بك مصر و عاد إلي فرنسا .

و لكن مع تولي سعيد باشا حكم مصر سنة 1854م عاد و اهتم بمشروعات جده محمد علي ، فأعاد فتح مدرسة الطب و استدعي كلوت بك من فرنسا الذي جاء مسرعاً .

و لكن ما لبث أبو الطب الحديث في مصر أن تدهورت صحته ، فعاد إلي فرنسا و قضي بها آخر سنوات عمره ، و توفي سنة 1868م .

و اعترافاً بفضل كلوت بك في إدخال تعليم الطب الحديث إلي مصر ، سمي أحد الشوارع الشهيرة في وسط البلد بالقاهرة باسمه ، و لايزال يحمل هذا الاسم حتي الآن . 

المراجع :

  • تاريخ مصر من الفتح العثماني إلي قبيل الوقت الحاضر- عمر السكندري و سليم حسن

  • تاريخ مصر من محمد علي إلي العصر الحديث - محمد صبري

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net