الاقباط فى عصر اسماعيل باشا

 

 

الخديوى أسماعيل هو أول حاكم فى التاريخ يمنح أعلى رتبة للمسيحيين فى ذلك العصر وقد أستحقها نوبار باشا .

ونرى الأقباط فى هذا العصر يبنون مساجد فقد انشأ مرقس بك يوسف فى عام 1865م مسجداً فى طنطا , وأنشأ قلينى فهمى باشا مسجداً آخر وكنيسة بعزبته بالمنيا .

وسمح الخديوى أسماعيل لبطريرك الأقباط كيرلس الرابع بإنشاء مدارس للبنين بجوار البطريركية واخرى للبنات بحارة السقايين وكانت هذه المدارس بالمجان وكان يلتحق بهذه المدارس مسلمين ومسيحيين والذين تخرجوا منها وصلوا إلى مراكز عالية حتى أن بعضهم وصل إلى يصبحوا رؤساء وزارات مثل بطرس غالى باشا وحسين باشا ورشدى يوسف بك وهبة وعبد الخالق ثروت باشا هذا غير الكثيرين من الوزراء والعيان والمستشارين .

أما البطريرك كيرلس الرابع فقد كانت له صداقة مع كثيرين من اعضاء الحكومة وكذلك شيخ الأزهر .

وقد اوفد الخديوى أسماعيل البابا كيرلس الرابع ليزيل سوء التفاهم الذى حدث بين مصر وأثيوبيا فأنهى مهمته وأزال العلاقات المتوترة بين البلدين وأبرمت معاهدة صداقة بين مصر وأثيوبيا .

ومن الاعمال العظيمة التى امر بها  اسماعيل باشا :

  • أمر بحضور قسيس من قسوس الأقباط وعمدة من عمد الأقباط للتوقيع والموافقة عند خروج أحد الأقباط عن الدين المسيحى إلى الدين الاسلامى وإقرارهما بأن ذلك تم بمحض رغبة المتأسلم و بدون أى ضغوط عليه و بمحض إرادته و بعد تصديقهما على الإقرار يحفظ فى المديرية و كان ذلك سنة 1863م .

  • عند تنظيم شوارع مصر كان يقتضى أن يمر شارع كلوت بك بمقر البطرخانة القديمة لكى يصير مستقيماً ، فعرض الخديو إسماعيل على الأنبا ديمتريوس البطرك آنذاك أن تقوم الدولة ببناء بطريركية جديدة أكبر ودار للبطرك ( مقر باباوى ) أفخم ، ولكن عند رفض الأنبا ديمتريوس هذا العرض قال الخديو ( لتكن إرادة البطريرك و لتبق الكنيسة كما هى ) ،  وتم إلتفاف شارع كلوت بك من حول البطرخانة كما هو الحال اليوم .

  • تبرع الخديو إسماعيل بألف وخمسمائة ( 1500 ) فدان من أملاكه الخاصة لصالح المدارس القبطية تشجيعاً منه لهذه المدارس لما تنامى إلى علمه سعى هذه المدارس فى تعليم الطلاب والطالبات العلوم واللغات الأجنبية . 

  • أمر بتوفير مركب بخارى لقداسة البابا ديمتريوس ليطوف البلاد على نفقة الخديو الخاصة لتثبيت الإيمان الأرثوذوكسى أمام طوفان الإرساليات و البعثات التبشيرية البروتستانتية . 

  • فى عصره كان يتم ترشيح وإنتخاب الأقباط لمجلس الشورى وكذلك قام بتعيين قضاة من الأقباط . 

  • أسماعيل باشا أول حاكم منح رتبة الباشوية إلى قبطى و هو نوبار باشا ( يوجد شارع بإسمه للآن ) كما عين واصف باشا فى منصب كبير التشريفات .

وكان عصراً متسامحا  قام بعض الأراخنة الأقباط ببناء مساجد للمسلمين فى البلاد فى طنطا والمنيا رداً على كرم الخديو إسماعيل ، وفى السنوات الاولى من حكم أسماعيل باشا الذى أصبح فيما بعد الخديوى أسماعيل بعد زيارة السلطان عبد العزيز ، أصبحت له مكانة دولية خاصة بين الدول فقام بالتفاوض راساً مع الدول الأوربية فى موضوع إستبدال المحاكم القنصلية بالنظام القضائى المختلط .

جعل مصر تشترك فى معرض باريس حيث أقيم به قسم خاص لها جمع بين صنوف البهجة والعظمة ولفت ألنظار إلى الإنتاج المصرى وإمكانياته .

مشاهير وعظماء القبط :

  • وهبة بك الجيزاوى وكان رئيساً للكتبة فى وزارة المالية .

  • تادرس أفندى عريان وكان رئيساً لكتبة وزارة المالية .

  • دميان جاد بك وكانت له مكانة كبيرة لدى الخديوى حتى أنه عندما توفى اصدر الخديوى أمراً بتعطيل دواوين الحكومة يومها .

  • سعد ميخائيل عبده من كبار موظفى الدولة .

  • رزق أغا حاكم الشرقية .

  • مكرم أغا حاكم أطفيح .

  • ميخائيل أغا حاكم الفشن .

  • بطرس أغا حاكم برديس .

امام ضغط القوي الوطنية بقيادة فضيلة الأمام الأكبر محمد المهدي العباسي وفضيلة المفتي والبابا كيرلس الخامس وحاخام اليهود في مصر ، اضطر الخديو إسماعيل لقبول اللائحة الوطنية التي قدمها إليه كل هؤلاء الوطنيين من رموز الوطن ، ليبدو معبرا عن الآمال الوطنية ويتخلص من النظارة الأوروبية المتمثلة في الوزيرين الاجنبيين .

قدمت وزارة توفيق باشا استقالتها ، وكلف اسماعيل باشا شريف باشا بتشكيل أول حكومة وطنية ( 7 ابريل 5 يوليو 1879 ) .

شعر المصريون بجسارة وقوة وفاعلية الوحدة الوطنية وابتهجوا لنجاح حركتهم السامية ، وقام وفد من كبار الشخصيات المصرية المرموقة بالتوجه إلي قصر عابدين لتقديم الشكر للخديو اسماعيل ، كان من بينهم البابا كيرلس الخامس ، بطريرك الكرازة المرقسية .

واقيمت احتفالات وطنية ابتهاجا بالعهد الجديد ، حضره البابا كيرلس الخامس في دار السيد علي البكري نقيب الاشراف مع كبار رجال الدولة في يوم 9 ابريل 1879 ، وكان علي رأس الحضور الخديو اسماعيل نفسه .

وفي يوم 22 ابريل من العام نفسه اصدر الخديو مرسوما ماليا للخروج من الأزمة المالية ومنع التدخل الأوروبي والحيلولة دون إعلان إفلاس حكومة مصر .

استوعب الخديو إسماعيل معني المواطنة وسبق عصور عديدة في تطبيقها بشكل يكاد يكون نموذجياً .

حرص إسماعيل علي تفعيل المواطنة في المدارس والدواوين وفي الشوارع ودور العبادة وحتي البرلمان منذ نشأته عام 1866 ، لم يفرق الخديو بين مسلم ومسيحي علي كل المستويات ، وقد حرص علي أن تتضمن قوائم البعثات العلمية إلي أوروبا أسماء العديد من الأقباط .

ويسجل له التاريخ أنه وافق علي إيفاد عدد ليس بقليل من الأقباط لاستقاء العلم في أوروبا مثل ( جرجس قلدس القاضي ومسيحة لبيب ونسيم بك وصفي وفرج نصحي ) ضمن بعثة التاريخ الطبيعي عام 1867 ، ( وميخائيل كحيل ) بعثة الإدارة والحقوق عام 1868 ، ( وبني عبيد ) لدراسة الطب عام 1879 .

وفي لفتة تدل علي السماحة ومتانة النسيج الوطني ، طلب العالم الفاضل والكبير وصفي بك أن يستقي العلم بين أروقة الأزهر الشريف ، وقد وافق الأزهر  وبعد فترة الدراسة قام بتأليف كتاب ( الخلاصة الذهبية في علم العربية ) ، وكان أول كتاب متخصص في القواعد النحوية ، كما ألّف كتاباً ثانياً بعنوان ( مرآة الظرف في فن الصرف ) .

وهكذا نجحت القيادة السياسية في استتباب الأمان الاجتماعي والوئام الوطني بين عنصري النسيج الوطني المتماسك إلي الأبد إن شاء الله العلي القدير .

تلقي الخديو إسماعيل علومه في فيينا ثم في باريس ، لذلك يرجع الكثير من المؤرخين سياسة التسامح التي اتبعها الخديو إلي تلك النشأة .

في 22 أبريل سنة 1879 أصدر إسماعيل مرسوماً ملكياً يساعد الحكومة علي إنقاذ مصر من الأزمة المالية ويحول دون توغل رأس المال الأجنبي في الشئون الداخلية ، فكان رد فعل الأوروبيين غاضباً ، فقد رفضوا وزارة شريف باشا ، بل ورفضوا الخديو نفسه ، ومن هنا سعت انجلترا وفرنسا بمساعدة ألمانيا لدي الباب العالي لإصدار فرمان بخلع إسماعيل عن عرش مصر في 26 يونيه من العام نفسه ، الضربة كانت قوية للحركة الوطنية ، ولكنها كانت قد أرست قيمة ومعني ومبدأ في وجود دور للمصريين مجتمعين في مواجهة التدخل الأجنبي والحكم الاستبدادي ، كما أبرزت ولأول مرة إمكانية قيام الجيش المصري بمساندة ومؤازرة الحركة القومية المصرية ، مما كان يعد إرهاصات أولي للثورة العرابية بعد أقل من عامين ، بعد أن طغي شعور المواطنة علي نسيج الوطن من مسلمين ومسيحيين وتحسنت العلاقة بينهما ، فأصبحت المساواة السياسية والاجتماعية شيئاً مألوفاً وغير مستغرب ، من أعظم الأمثلة الحية لهذه العلاقة :

قيام مرقُس بك يوسف بإنشاء مسجد في بلده ( جناح ) بطنطا سنة 1865 كما أنشأ قليني فهمي باشا مسجداً ضخماً إلي جوار كنيسة بعزبة في المنيا رمزاً للوحدة الوطنية الخالدة ، التي كانت مفخرة للمصريين وللخديو إسماعيل الذي قال عنها ( إن المسيحيين في مصر يعيشون في جو من التسامح المقرون بالاحترام ، وليسوا كالمسيحيين الذين يعيشون في تركيا مثلاً ) .

 

الجمهورية أجراس الأحد - سامح محروس الاحد 8 من اغسطس 2010 م - 27 شعبان 1431هـ  

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net