البلاط الملكى ودوره فى الحياة السياسية المصرية ....

عندما تولى محمد علي السلطة في مصر في ظل ظروف الفوضى السائدة في العقد الأول من القرن التاسع عشر ، شهدت هذه الفترة ظهور وظائف أخرى لموظفين يشكلون مع آخرين المعية التي تحيط به ، فقد ظهر مسمى « مهر دار ولي النعم » أي حامل أختام الباشا ، وظهرت وظيفة « رئيس المعاونين السعادة جانب أفندينا » ، والذي كان يسمى في الوثائق « باشمعادن جناب خديوي » . ويقول عبد الوهاب بكر عن انتهاء عهد الخديوية ( 1863-1914 ) :

كان محمد سعيد باشا ( 1854-1863 ) قد اتخذ من اسطنبول نموذجه في بناء البلاط الخديوي ، لكن ابن أخيه إسماعيل كان أكثر إمعانًا في الحداثة في هذا الشأن ، فقد تعرف على الحياة الغربية منذ حداثته ، ونحن نعرف أن إسماعيل كان منبهرا بالغرب وبكل مظاهر التقدم ، ويكفي في هذا المقام أن نذكر عبارته الشهيرة « إن بلادي لم تعد إفريقية » . 

البلاط الملكي في عهد فؤاد ( 1917-1936 ) :

جاء فؤاد سنة 1917 بعد وفاة حسين كامل ليؤسس البلاط السلطاني ، الملكي فيما بعد ، وكان فؤاد قد قضى معظم شبابه مع والده إسماعيل في المنفى في إيطاليا وتلقى تعليما مدنيا في جنيف ثم التحق بالمدرسة الحربية بـ «جنيف» ، وخدم الجيش الإيطالي وكان قريبا من القصر الملكي الإيطالي بحكم صلة الصداقة التي كانت تربط بين والده والملك أوبرتو ، وتشكل البلاط الملكي في عهد فؤاد وكانت هذه أول مرة يستخدم هذا المصطلح « البلاط الملكي » ، من الديوان الملكي ، وديوان كبير الأمناء ، والخاصة الملكية ، والبارون أو الحاشية العسكرية ، والتشريفات ، ويعتبر « الديوان الملكي » بدءا من عصر فؤاد حلقة الاتصال بين السراي والحكومة .

وكان الحرس الملكي قصة في تاريخ القصور الملكية ، فقد حاز اهتمام كل من ولوا مصر من الحكام ، وكان الملك فؤاد من أكثر حكام مصر اهتماما بحرسه ، فكان قوام الحرس الملكي 780 جنديا يرأسهم 26 ضابطا إلى جانب فرقة الموسيقى التي تألفت من 68 فردا ، وقد تميز ضباط الحرس بملابس رسمية تختلف عن ملابس زملائهم من ضباط الجيش ، فهناك « بدلة التشريفة » الصيفية ، وبدلة التشريفة « الشتوية » وبدلة « الميس- الطعام » السوداء التي كانت ترتدى في السهرات والمآدب ، وبدلة الطابور ، وبدلة الميدان .

البلاط الملكي في عهد فاروق ( 1936 - 1952 ) :

صحيح أن البلاط الملكي شهد بعض التغييرات قبل عهد فاروق ، لكن عهد فاروق وما شهده من تطورات سريعة ومتلاحقة جعل ما جرى في عهد فؤاد شيئا لا يعد ذا تأثير كبير في أحداث مصر السياسية بالمقارنة بالعهد الذي تلاه ، وأول ما يمكن أن نسجله في مجال التغيير هو دخول دماء جديد إلى البلاد وغريبة عنه وليست من النوعيات التي يستمد منها كوادره ، مثل نظام « المستشارين » الذي ابتدع في البلاط الملكي في الأربعينات.

ولم يكن التحول النوعي في نشاط البلاط قاصرا على تعيين المستشارين ، فقد سبقه اتجاه القصر إلى إنشاء « تنظيمات سرية » في الأربعينات لتنفيذ مهام معينة تتضمن العنف والسرية ، والمهمة الأساسية لهذا التنظيم كانت تعقب كل من تورطوا في حادث 4 فبراير سنة 1942 وتصفيتهم .

أن البلاط الملكي بعد وفاة « حسنين باشا » قد انتقل نقله نوعية في أكثر من مجال ، فنجد « كريم ثابت » اللبناني ، العامل بالصحافة ، صاحب المواهب الخاصة ، كما ظهر اسم « أدمون جهلان » في الخمسينيات عندما ظهرت قضية «ا لأسلحة الفاسدة » ، وتفيد المعلومات المتاحة أن « أدمون جهلان » كان من حاشية الملك فاروق أثناء سياحته الشهيرة في صيف سنة 1950، ولا يعلم على وجه التحديد التكليف الذي كان مكلفاً به ضمن الحاشية ولا طبيعة عمله في البلاط .

أن أهم ما حرص حكام مصر عليه في بلاطهم هو جعله مقصورا على شخصيات اختيرت بعناية من « النخبة » التركية التي كونوها من عمليات الجلب المنظم للعناصر التركية والألبانية والجركسية والقوقازية ، ورعاية أبناء الأسر التركية واليونانية المقيمة في مصر . 

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net