استجواب الكتاب الاسود

     راشد الغائب - صحيفة الايام البحرينيه


قبل أسبوعين مرّت بهدوء الذكرى الـ 43 لوفاة الملك فاروق، الذي لفظ أنفاسه بمنفاه في إيطاليا في عام 1965، وهو يُعتبر آخر حاكم فعلي لمملكة مصر، التي أسقطها انقلاب عسكري قاده الضباط الأحرار في عام 1952.

مكمن استحضار سيرة الراحل وعهده الملكي ليست لتمجيد الأفراد، إذ قيل الكثير عن عهده، ولكن تبقى تلك العبارة الجميلة واللاذعة، التي قالتها شابة مصرية في استطلاع أجري قبل أشهر لاصقة بذهني: "ملكية دستورية أفضل من جمهورية وراثية!".

راجموا العهد الملكي يستغرقون في الحديث عن "فساد بطانة فاروق"، ولكنهم "يغضون النظر" أنه أجبر في محطات عديدة على تكليف الحزب صاحب الأغلبية البرلمانية لتشكيل الحكومة، وهو "التداول السلمي للسلطة" المطلوب في الملكية الدستورية وبعيد المنال في الجمهوريات الوراثية ذات الحزب الواحد!.

ومن أبرز القصص في عهد فاروق، التي تحمل عِبَرْا سياسية للبحرينيين، ما أسفرت عنه تداعيات اصدار "الكتاب الأسود"، وهو كتاب يتضمن فضائح حزب الوفد، الذي رأس الحكومة في عام 1943.

كاتبه مكرم عبيد، وهو السكرتير السابق لحزب الوفد، واليد اليمين لرئيس الحزب ورئيس الحكومة مصطفى النحاس "باشا"، ولكنه اختلف مع النحاس، وفصله الأخير من الحزب، وشكل عبيد مدعوما من القصر الملكي تشكيلا باسم "حزب الكتلة الوفدية".

أثارت الصحف ما تضمنه "الكتاب الأسود" من فضائح للنحاس وطاقم حكومته، وغضب الملك فاروق من ذلك، وطالبت المعارضة الملك بمحاسبة النحاس، وهدّد الملك بإقالة الحكومة ولكن السفير البريطاني رفض. وأوعز النحاس لأعضاء حزبه بمجلس الشيوخ تقديم أسئلة برلمانية له عما تضمنه الكتاب الأسود.

واستطاع النحاس من خلال منبر البرلمان "تفنيد" الاتهامات التي ساقها عبيد في كتابه.

وتلا ذلك تقديم عبيد طلبا لاستجواب النحاس، ولكن انتهت جلسات الاستجواب بعدم الموافقة على طرح الثقة برئيس الحكومة، والسبب أن نواب حزب الوفد يُشكلون الأغلبية البرلمانية، ومن غير المقبول أن "يغدروا" برئيسهم!.

ما أشبه ضجة "الكتاب الأسود" ببعض "التقارير" والاستجوابات لدينا!.  

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net