حادث كفر الزيات يدفع بالخديوى اسماعيل الى عرش مصر

 

 

عبد المنعم عجيمى

 

أنجب إبراهيم باشا ابن محمد علي ، ثلاثة أولاد ، أكبرهم ( الأمير أحمد رفعت ) وأوسطهم ( الأمير إسماعيل ) وأصغرهم ( الأمير مصطفي فاضل ) وكان فرمان الوراثة يقضي بأن يتولي حكم مصر بعد سعيد بن محمد علي ( الأمير أحمد رفعت ) بصفته أكبر أفراد الأسرة سناً ، ولكن القدر كان له رأي آخر ، وربما ماحدث من تغيير في الأمر كان نتيجة لمؤامرة حُبكت خيوطها بكل دقة .

بعد مقتل ( عباس ) وخلفه ( سعيد ) علي العرش برز نجم ( إسماعيل ) الذي لقي عطفاً كبيراً من عمه الجالس علي العرش ، حيث ولاه رئاسة مجلس الأحكام وهو أكبر هيئة قضائية في البلاد وقتذاك ، كما أوفده في عام 1855 إلي فرنسا لمقابلة ( الإمبراطور نابليون الثالث ) للحصول علي مساعدته لدي الدولة العثمانية لتوسيع استقلال مصر ، وفي هذه الرحلة قابل ( إسماعيل باشا ) قداسة ( بابا الفاتيكان ) موفداً من ( سعيد ) ، وكان موضع حفاوة وترحيب سواء في فرنسا أو الفاتيكان ، وقام ( إسماعيل ) بكل ذلك رغم أنه لم يفكر يوماً في أن الصدفة ستوصله إلي عرش مصر بعد ( سعيد باشا ) لأن أخاه ( أحمد رفعت ) كان أكبر منه سناً ، وهو بذلك أولي منه بالعرش ، ولكن ما حدث هو أن( سعيد باشا ) أقام وليمة كبيرة بالإسكندرية في عام 1858 دعا إليها جميع أمراء الأسرة بمن فيهم ولي العهد ( رفعت باشا ) ، وبعد انتهاء الوليمة عاد ( رفعت باشا ) وبصحبته ( الأمير عبدالحليم بن محمد علي ) وبعض رجال الحاشية بقطار خاص إلي القاهرة ، وتصادف عند وصول القطار إلي كوبري كفر الزيات أن الكوبري كان مفتوحاً لمرور السفن ، ولم ينتبه السائق لهذا الخطر ، ونتيجة لذلك سقط القطار في النيل وغرق كل من فيه إلا ( الأمير بعدالحليم باشا ) ، وبذا رأي ( إسماعيل ) نفسه فجأة ولياً للعهد بحكم فرمان الوراثة .  

 

الخديوى اسماعيل يتولى حكم مصر بسبب حادث قطار سنة 1858

 

 يقول البعض : إنه كانت هناك مؤامرة للإطاحة بالأمير ( أحمد رفعت ) خاصة أن ( سعيد باشا) كان يفضل عليه ( إسماعيل ) الذي جربه كثيراً في إدارة بعض شئون الدولة وكان خير سند له ، فعندما زار بلاد الشام عام 1859 ترك ( إسماعيل ) قائمقام بدله ولم يفعل ذلك مع ولي العهد ( أحمد رفعت ) ، وعندما سافر إلي الحجاز حل محله ( إسماعيل ) خلال هذه الزيارة حتي أنه عينه سرداراً للجيش المصري بعد عودته ، وعهد إليه بإخماد الفتنة بين بعض القبائل السودانية ، وقد وفق ( إسماعيل ) في ذلك ، وفي يوم 19 يناير 1863 التحق ( سعيد ) إلي الرفيق الأعلي بعد فترة علاج طويلة من مرض السرطان ، فانتقلت ولاية مصر إلي ( إسماعيل باشا ) خامس ولاة الأسرة العلوية ، ونجح في الحصول علي العديد من الفرمانات التي وسع بها نطاق استقلال مصر عن طريق سلاح المال والرشوة التي كان يبذلها للسلطان العثماني وحاشيته ، وإلي جانب ذلك حصل علي العديد من المزايا منها : حصوله علي لقب ( خديو ) ، وعلي فرمان بتغيير نظام توارث العرش ، حقيقة لقد قام ( إسماعيل ) بإصلاحات عديدة في مصر وكانت غايته جعلها قطعة من أوروبا ، وحقيقة أن مصر تقدمت تقدماً حضارياً مدهشاً في عهده ، كما أن نظام التعليم وانتشار الصحافة ، وإنشاء المؤسسات الثقافية والعلمية وإرسال البعثات للخارج كل ذلك يحمد له ولعصره ، ولكن بذخه وإسرافه لم يساعدانه علي ضبط زمام الأمور بين يديه ، حيث قام بعقد قروض خارجية عجز عن سداد أقساطها وفوائدها ، مما أدي إلي تدخل الدول الأوروبية نيابة عن الدائنين في شئون مصر المالية والسياسية ثم الحربية ، وانتهي الأمر بعزله في عام 1879 ، وتولى ابنه ( توفيق ) الذي لم يحسن إدارة الأمور مكانه ، وانتهي الأمر بقيام بريطانيا باحتلال مصر عام1882 ، وظهور الحركات الوطنية المطالبة بالاستقلال .

 

 

تاريخ العدد: 15/11/2010

 

مع اضافة الصور

 

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net