حصار القوات الانجليزيه لقصر عابدين

 

نشرت جريدة الاهرام فى عددها رقم ( 44620 ) الصادر بتاريخ 4/2/2009 ، خبرا بعنوان ( بعد مرور 65 عاما – وثيقة تاريخية لم تنشر من قبل ، مذكرة اللواء احمد صادق باشا قائد البوليس الملكى تروى حقيقة وقائع وتطورات حصار القوات الانجليزية لقصر عابدين يوم 4 فبراير 1942 ) .

 

عبده مباشر

 

كانت قوات الفيلق الإفريقي بقيادة الفيلد مارشال اروين روميل تواصل انتصاراتها المذهلة علي قوات الحلفاء في شمال افريقيا وتتقدم بثبات الي مصر‏ ، ‏ وعندما وصلت الي منطقة العلمين توقفت استعدادا لمعركة حاسمة مع قوات الجيش الثامن الانجليزي وقائده الجديد مونتجمري وفي نفس الوقت كانت المظاهرات الحاشدة المعادية للاحتلال الانجليزي تجوب شوارع المدن المصرية وهي تهتف الي الأمام ياروميل‏ .‏

واستشعرت دولة الاحتلال الخطر ‏,‏ فقررت أن يتولي مصطفي النحاس باشا زعيم حزب الوفد رئاسة الوزارة باعتباره الزعيم صاحب الشعبية وباعتبار الحزب صاحب الثقل في الشارع السياسي‏ .‏

ولما كان للملك فاروق موقف من الحزب وزعيمه فقد أقدمت انجلترا علي حصار قصر عابدين عسكريا في نفس الوقت الذي كان فيه السفير مايلز لامبسون مجتمعا مع الملك ومعه طلب تشكيل وزارة جديدة برئاسة النحاس والوثيقة التي كتبها اللواء أحمد صادق باشا قائد البوليس الملكي تروي بالتفصيل أحداث الحصار وما جري خلاله من مواجهات محدودة بين رجاله وقوات الاحتلال وإلي نص الوثيقة‏ .‏  

 

الدبابات تحاصر قصر عابدين يوم 4 فبراير 1942

 

مذكرة مرفوعة من بوليس جلالة الملك :

 

في الساعة ‏8,50‏ مساء يوم ‏4‏ فبراير سنة ‏1942‏ ، حضر سعادة السفير البريطاني السير مايلز لامبسون للتشرف بمقابلة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم بقصر عابدين العامر وكان معه الجنرال ستون وستة من الضباط البريطانيين بملابسهم العسكرية في سيارتين عاديتين ، وكان بجوار السيارة الأولي وبها سعادة السفير موتوسيكل بالجانب الأيمن وآخر بالجانب الايسر ودخلتا من الباب الأول بالسور الحديدي المجاور لباب التشريفات وهو المعتاد دخوله منه ثم وقفت السيارتان امام باب السلاملك وانتظرتا به‏ ،‏ وأما الموتوسيكلان فوقفا خارج السور ‏.‏

وحوالي الساعة ‏9,5‏ مساء وصلت القوات البريطانية عن طريق شارع السلطان حسين ، وانعرج قسم منها الي ميدان عابدين الي أن وصلت لتقاطع شارع حسن الأكبر ، واستمر القسم الآخر الي شارع باب باريز وسار به حتي وصل لتقاطع شارع حسن الأكبر ، وعلمنا أن قسما آخر وصل عن طريق ميدان باب الخلق فشارع سامي باشا البارودي فحسن الأكبر حيث اتصل بباقي القوات وبذلك تم حصارالقصر العامر من جميع جهاته ، وكذا حصار مباني قشلاق الحرس المشاة الملكي من بعض جهاته ، وكانت تلك القوات من المشاه والمدافع الرشاشة في سيارات لوري وبعض الدبابات كانت محملة في سيارات كبيرة وكذا سيارات مصفحة ، وقد وقفت السيارات جميعها خلف بعضها بدون فراغ في وسط الميدان والشوارع المحيطة بالقصر ولما تم ذلك نزلت الجنود من السيارات وكذا الدبابات وتقدمت الجنود بالسلاح حتي التصقت بأسوار القصر ولما شعرنا بهذه الحركة من أولها اخطرنا حضرة صاحب السعادة كبير الياوران ، ثم اسرعنا بغلق جميع الأبواب الخارجية والداخلية غلقا محكما وجمعنا قوة عساكر البوليس والضباط بطبنجاتهم وعززنا بهم جميع ابواب القصر‏ ،‏ ثم طلب احد البريطانيين من البوليس المعين علي باب السور الحديد الكبير الأوسط بالميدان فتحه فرفض فهدده بضرب النار إن لم يفتح فأصر علي عدم فتح الباب ووقتئذ وصل حضرة الملازم اول أحمد فتحي رجب افندي الي ذلك الباب من الخارج بالميدان فوجد بعض الجنود يحاولون كسر الباب الصغير فطلب احد الضباط البريطانيين منه فتح الباب فأفهمه بأنه لايمكنه فتحه ، وعندئذ أمر الضابط البريطاني بعض عساكره بوضعه تحت الحراسة فاحاطوا به بالبنادق مركبا عليها السونكيات وظل تحت حراستهم حتي صدر الأمر بسحب القوات فتركوه بعد التفاهم معهم‏ ، وفي اثناء ذلك تقدمت دبابتان خلف بعضهما ودفعت الأولي الباب بمقدمها ففتح ووصلتا للحوش ، ووقفنا بين الباب المذكور وباب الحرملك الخارجي وكان بعض من العساكر البريطانيين قد كسروا قفلي البابين الصغيرين المخصصين لعساكر الحرس الخياله ووصلوا الي الحوش ويقرب عددهم من المائة وتقدم البعض نحو السلاملك برئاسة صاغ ويوزباشي وملازم وأرادوا الدخول من ذلك الباب فاعترضتهم وافهمتهم بان مثل هذا العمل غير لائق وطلبت منهم اعادة الجنود خارج السور فرفضوا ووقفت الجنود شاكية السلاح والمدافع الرشاشة امام الباب ثم تقدم اليوزباشي من حضرة الملازم اول حسين حسني كفافي افندي الذي كان واقفا امام باب السلاملك واراد سحبه من ذراعه فجذبه منه فاصدر أمره الي عساكره فأحاط به اربعة من الجنود أحدهم ببندقية سريعة الطلقات وآخر بطبنجة واثنان بالبنادق مركبا عليها السونكي وطلبوا منه عدم التحرك ثم تقدم أربعة عساكر آخرون من الأومباشي حسن عثمان الذي كان بجوار باب السلاملك وارادوا انتزاع طبنجته فرفض تسليمها اليهم ، واستعملوا القوة بأيديهم فنتج عن ذلك التواء شديد بابهام يده اليمني ولم يتمكنوا من أخذ الطبنجة منه وعندئذ حضر الصاغ الانجليزي وبعد ان تفاهمت معه امر بترك الضابط حسين افندي حسني كفافي والأومباشي عثمان‏ .‏

وقد علمنا أن الجنود البريطانيين يحاولون كسر باب الخاصة فأرسلنا اليهم حضرة الصاغ محمد كامل افندي الي الباب المذكور فوجدهم يدقون الباب من الخارج بشدة ولما لم يتمكنوا من بغيتهم بتلك الوسيلة تركوه‏ ،‏ وخلال تلك المدة كانوا يمنعون الخروج من القصر والدخول اليه وبعد خروج السفير البريطاني ومن معه من الضباط انسحبت جميع القوات من داخل الحوش ثم انضمت للقوات الخارجية وانتظرت ما يقرب من نصف ساعة وبعد ذلك انصرفت نهائيا‏ .‏

وفي الصباح عثر العسكري محمد بيومي عمر من المعينين بشارع حسن الأكبر بملابس ملكية علي طلقة بندقية ومشط خال من الجبخانة بالشارع المذكور بجوار سور القصر‏ .‏

وكذا عثر المدعو سند الفراش علي طلقة بندقية بجوار المنتزه امام باب المعية وقد قدمنا الطلقتين والمشط لحضرة صاحب السعادة كبير الياروان‏ .‏  

 

موضوعات ذات صلة

حادث 4 فبراير

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net