كلاهما خرج

ولكن شتان مابين خروج الملك وخروج مبارك

فاروق مبارك


عمرو ابو سيف

 

فى  يوم 26 يوليو سنة 1952 ،  غادر الملك فاروق مصر على اليخت الملكى ( المحروسة ) متجها الى منفاه وذلك بعد ان تنازل عن عرشه الى ابنه الامير احمد فؤاد ، وذلك بعد ان قام تنظيم الضباط الاحرار بالجيش المصرى بزعامة جمال عبد الناصر بتنظيم انقلاب مسلح نجح فى السيطره على الامور فى البلاد والسيطره على المرافق الحيوية فى البلاد ، ومن ثم فرض الجيش على الملك التنازل عن العرش لولى العهد الامير احمد فؤاد ومغادرة البلاد فى 26 يوليو 1952 .

واستجاب الملك فاروق لتلك المطالب حفاظا منه على ارواح الشعب المصرى مفضلا التنازل عن عرشه وعرش اجداده خوفا منه ان تسيل قطرة دم واحده من احد من افراد الشعب المصرى .

وقد رفض الملك فاروق ان يتدخل الحرس الملكى الخاص به للقضاء على ذلك التنظيم كما رفض ان يتدخل الانجليز ايضا لمساعدته ، حرصا منه على سلامه المصريين .

وبالفعل وفى تمام الساعة السادسة والعشرون دقيقة من مساء يوم 26 يوليو سنة 1952 غادر الملك فاروق مصر على ظهر اليخت الملكى ( المحروسة ) وهو نفس اليخت الذى غادر به جده اسماعيل عند عزله عن حكم مصر فى 30 يونيو سنة 1897 .

وقد كان فى وداع الملك فاروق عند مغادرته مصر اللواء محمد نجيب واعضاء حركة الضباط الاحرار الذين كانوا قد قرروا الاكتفاء بعزله ونفيه من مصر .  

 

ويقول اللواء محمد نجيب الرئيس الاول لجمهورية مصر العربية فى مذكراته :

 

جئت متاخراً لوداع الملك بسبب إزدحام الطريق وكانت المحروسة في عرض البحر ، فأخذت لنشاً حربياً دار بنا دورة كاملة كما تقتضي التقاليد البحرية وصعدت للمحروسة وكان الملك ينتظرني ، أديت له التحية فرد عليها ، ثم سادت لحظة صمت بددتُها قائلاً للملك :

لعلك تذكر أنني كنتُ الضابط الوحيد الذي قدم إستقالته من الجيش عقب حادث 4 فبراير 1942 إحتجاجاً ، فرد الملك : نعم أذكر ، وقلتُ له : حينئذٍ كنتُ مستعداً أن أُضحي برزقي وبرقبتي في سبيلك ، ولكن ها أنت ترى اليوم أنني نفسي أقف على رأس الجيش ضدك ، فرد فاروق : إن الجيش ليس مُلكي وإنما هو ملك مصر ، ومصر وطني ، وإذا كان الجيش قد رأى أن في نزولي عن العرش ما يُحقق لمصر الخير ، فإني أتمنى لها هذا .

وهكذا اختار الملك فاروق الرحيل عن مصر وعن شعب مصر حفاظا منه على مصر وعلى شعبها .

غادر الملك فاروق طواعية وبأختياره وبعد ان ادى له الضباط المجتمعين لوداعه التحيه العسكرية واطلقت المدفعية احدى وعشرون طلقة تحية له عند وداعه .

غادر فاروق واسرته مصر وليس معهم جميعا سوى القليل القليل من الملابس الصيفية التى كانت بحوزتهم اثناء الرحيل حيث ان اعضاء مجلس قيادة الثورة وقتها رفضوا طلبا للملك بأن يأخذ من قصره فى مصر بعض احتياجاته واحتياجات اسرته .

رحل دون ان يأخذ معه الصناديق المليئه بالنقود كما زعموا وكما اثبت التاريخ كذب هذا الافتراء .

رحل تاركا وراءه عرشا دام لمدة 150 عاما هى فتره تاريخ حكم اسرة محمد على لمصر بداية من محمد على وحتى فاروق الاول .

وهكذا خرج الملك فاروق من مصر مودعا من ضباطها وداعا يليق بملك تنازل عن عرشه وعرش اجداده بأرادته ودون اراقة دم مواطن واحد من شعب مصر .

 

 

اليوم وبعد مرور مايقارب 59 عاما ، وفى الحادى عشر من شهر فبراير سنة 2011 ، يرحل الرئيس حسنى مبارك عن سدة الحكم فى مصر

 

ولكن شتان مابين خروج الملك فاروق ، وخروج الرئيس المخلوع حسنى مبارك

 

  • اليوم وبعد مرور 18 يوما من بداية الثورة التى اشعل فتيلها الشباب المصرى العظيم ومن بعده جميع فئات الشعب المصرى .

  • اليوم وبعد اجتياح المظاهرات لجميع انحاء جمهورية مصر العربية تندد بالحكم الظالم والفاسد لذلك الحاكم الذى ظل جاثما على قلب تلك الامه على مدار ثلاثون عاما .

  • اليوم وبعد 18 يوما من مناداه الشعب المصرى بكل طوائفه مطالبين بأسقاط ذلك النظام الفاسد واعوانه الذين عاثوا فى مصر فسادا .

  • اليوم وبعد محاولات مستميته من الرئيس المخلوع بالبقاء لنهاية مدة ولايته السادسة .

  • اليوم ... اليوم فقط وبعد مرور 18 يوما وبعد سقوط 846 شهيدا من ابناء مصر البرره مابين شباب واطفال ورجال ونساء وشيوخ ، ومايقرب من 6000 مصاب برصاص بلطجية وزبانية النظام الفاسد .

  • رضخ اخيرا الطاغيه وقبل ان يرحل عن سدة الحكم .

  • رضخ بعد ان سال دماء شعبه الذى طالما ادعى انه راعيا له محافظا عليه .

  • رضخ بعد ان ابكى  الشعب المصرى على ابنائه ضحايا  تلك الثورة .

  • رضخ بعد ان اخرج المساجين من سجونهم من اجل نشر الفوضى والفزع بين مواطنى ذلك البلد الذى تحمله على مدار ثلاثون عاما .

  • رحل بعد ان ترك بلطجيته وزبانيته يطلقون الرصاص الحى والمطاطى والقنابل المسيلة للدموع على ابناء وطنه الذى طالما ادعى انه حاميا له .

  • رحل بعد ان طلب منه الشعب الرحيل ، وان يفعل مثلما فعل الملك فاروق حينما فضل ترك عرشه حتى لايسيل دم مواطن واحد من ابناء مصر .  

  • رحل بعد ان تضخمت ثروته وثروة اسرته الى ان وصلت الى العديد من مليارات الدولارات .

  • رحل الملك فاروق ، ورحل الرئيس المخلوع حسنى مبارك ولكن شتان مابين رحيلهما .

  • سيذكر التاريخ اليوم رحيل فاروق كما سيذكر رحيل الرئيس المخلوع .

كرسى العرش  فى طريقه الى متحف البرلمان والصورة فى الاسفل تظهر نزع صورة الرئيس السابق من مجلس الوزراء ربما لوضعها فى احد المخازن

 

تنويه :

  • من عجائب القدر ان يوم خروج حسنى مبارك من سدة الحكم فى مصر هو نفسه يوم ميلاد الملك فاروق الاول .

  • الملك فاروق حينما غادر مصر كان فى الثانية والثلاثون من العمر .

  • الرئيس المخلوع حسنى مبارك عندما تم تنحيته عن سدة الحكم فى مصر كان فى الثالثة والثمانون من العمر .

موضوعات ذات صلة

فاروق فى المنفى

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net