نشأته :

  • هو  ابن محمد علي ولد سنة 1822 ، وهو عم سلفه الخديوى عباس حلمى الاول الا انه اصغر منه سنا ، واختار له والده السلك البحري فدربه على فنون البحرية وجعل شأنه شأن تلاميذها ، ولعل هذه النشأه مما حبب الى نفسه مبادىء الديمقراطية ، فقد كان اثناء دراسته زميلا لطائفه من التلاميذ ممن خصصهم ابوه لدراسة الفنون البحرية ، يعيش عيشتهم ويسير على نهجهم ، وينظر اليهم كما ينظر الطالب الى اقربائه واصدقائه .

  • ولما أتم دراسته انتظم في خدمة الأسطول  قومندانا لأحدى البوارج التى كانت ترفع علم مصر فوق ظهر البحار ، واعتاد النظام الذي هو أساس الحياة العسكرية ، فكان يحترم رؤساءه ويتساوى فى ذلك مع زملائه ضباط الاسطول ، وارتقي سعيد في المراتب البحرية حتى وصل في أواخر عهد أبيه إلى منصب "سر عسكر الدوننمه" أي القائد العام للأسطول ، فهذه النشأه كان لها اثرها فى اعتياده على المبادىء الديمقراطية ممع جعله عند تولى العرش يميل الى المصريين ، ويعمل على ترقيتهم وتقدمهم ورفاهيتهم .

اخلاقه :

  • كانت طيبة القلب وسلامة القصد والكرم والشجاعه والصراحه والميل الى الخير والتسامح وحب العدل والنفور من الظلم هى اهم الصفات البارزة فى اخلاق سعيد باشا ، الا انه الى جانب الصفات السابقة كان ضعيف الاراده وكثير التردد ، لايستقر على رأى واحد ، ومن هنا جاء تخبطه فى الخطط والبرامج والاعمال ، بالاضافه الى انصياعه الى خلطائه من الاوربيين ، بالاضافه الى سرعة تأثره بما يسمعه وكذلك سرعة غضبة ورجوعه عن غضبه لاوهى الاسباب ، وكان اسرافه هو نقطة الضعف الاساسية فيه ، وقد التجأ الى الاستدانه من البيوت المالية الاوروبيه ، وقد كان حسن الظن بالاوروبيين ، وخاصة الفرنسيين مما جعل المسيو فردينان دلسبس يؤثر عليه تأثيرا كبيرا ، وقد ادى هذا كله الى ان يصبح للاجانب اليد العليا فى مرافق البلاد ، ويسيطرون على الحكومه وسيادتها ، وصار لأى قنصل اوروبى نفوذ لم يكن متوفرا لهم من قبل سواء فى عهد محمد على او الخديوى ابراهيم او الخديوى عباس .

اصلاحاته واهم اعماله :  

 

 

المجال الزراعى  :

  •  بذل سعيد باشا جهودا كبيره فى اصلاح حالة الفلاحين ، فأعطاهم حق الملكية للاراضى الزراعية ، وسن لهذا الغرض قانونه المشهور باللائحه السعيدية الصادرة فى 5 اغسطس سنة 1858 ، وهى تعتبر من اعظم اصلاحاته ، لانها اساس التشريع الخاص بملكية الاطيان فى القطر المصرى ، وهى تعتبر من الاثار الخالده له والتى تذكر له بالخير .

  • كما الغى سعيد باشا نظام احتكار الحاصلات الزراعية ، وذلك النظام كان معمولا به فى عهد والده محمد على باشا ، وامتد الى عهد عباس حلمى الاول ، وصار للفلاح حرية التصرف فى محاصيله الزراعية وكذلك له الحريه فى اختيار المحاصيل التى يرغب فى زراعتها .

  • كما خفف عن الاهالى عبء الضرائب ، بالاضافه الى تجاوزه عن كافة المتأخرات التى عليهم نتيجة تراكمات عن سنوات سابقة ، وقد كانت مبلغا كبيرا من المال فى ذلك الوقت ( 800.000 جنيه ) .

المعاشات  :

  • سن سعيد باشا لائحة المعاشات للموظفين المتقاعدين والذين بلغوا سن المعاش ، وهو الاساس الى بنى عليه نظام المعاشات المتبع فى مصر حاليا لموظفى الحكومة .

تطهير ترعة المحمودية  :

  • اهتم سعيد باشا بتطهير ترعة المحمودية ، حيث انه منذ انشائها فى عهد محمد على باشا لم تقم الحكومه بتطهيرها ، وكذلك مر عهد عباس حلمى الاول دون ان يهتم ايضا بها ، وعندما تولى سعيد باشا حكم مصر اهتم بتطهير ترعة المحموديه ، وقد لجأ الى المسيو موجيل بك كبير المهندسين فيما يحتاجه هذا العمل الضخم ، الذى يكاد يمثل حفرا جديدا لها لان الطمى كان قد سد قاعها ، فحسب المسيو موجيل بك كبير المهندسين مقدار مايجب رفعه من الاتربه فى قاعها فبلغ ثلاثة ملايين متر مكعب على طول الترعه التى يبلغ ثمانين كيلو مترا ، وتحتاج الى سبعة وستين الف عامل لتطهير الترعة فى مدة لاتتجاوز ثلاثين يوما فقط ، فأصدر الخديوى سعيد امره الى المديريات لكى تقوم بأرسال العدد المطلوب من الفلاحين ، وقامت المديريات بالفعل بأرسال 115 الف عامل ، فوزع هذا العدد بطول الترعة ووزعت عليهم الفؤوس بمعدل فأس لكل خمسة من العمال ، فكان واحد منهم يحفر بالفأس والثانى يملأ الغلقان من الردم ، والثلاثه الاخرون يحملونها الى جانب الترعة ، وظل العمل على تلك الوتيره ، واهتم سعيد خلال تلك الفترة بصحة العمال ، فأحضر لهم الاطباء يشرفون على حالتهم الصحية طوال مدة العمل ، وبالفعل تم تطهير ترعة المحمودية فى اثنين وعشرين يوما دون ان يموت اى احد من العمال ، وذلك بعكس ماحدث اثناء حفرها فى عهد محمد على .

  • وقد كان هذا العمل الضخم وتنفيذه فى تلك المدة القصيرة لهو دليل على عظمة وقدرة الفلاح المصرى العظيم فى انشاء اعمال العمران التى تنوء بها الجماعات من الشعوب الاخرى .

  • وكان نجاح هذا المشروع هو الدافع الحقيقى وراء تشجيع مسيو فردينان دلسبس على اغراء سعيد باشا على تسخير الالاف من الفلاحين فى حفر قناة السويس ، وبالفعل وقع سعيد باشا اسيرا لهذا الاغراء الى عاد بالضرر بعد ذلك على مصر والمصريين .

السكك الحديدية والتلغرافات  :

  • توفى عباس حلمى الاول قبل ان يتم خط السكه الحديد بين القاهره والاسكندرية ، فأتمه سعيد باشا سنة 1856 ، وسار الخط عن طريق كفر الزيات وبنها حتى وصل الى العاصمه ، ولم تكن الكبارى بنيت على النيل ، فكان القطار عند اجتيازه الفرعين ينقل على مراكب خاصه تسير به من بر الى اخر .

اصلاحاته الحربيه وبثه الروح القوميه فى الجيش  :

  • اشتهر سعيد باشا بميله الى الجيش ، وربما يرجع ذلك الى نشأته الاولى على ظهر الاسطول حيث حببت اليه الحياه الحربيه ، فأهتم بترقية شئون الجند ، وكان كثيرا مايقضى ايامه فى معسكر الجيش ، وتعرض عليه شئون الحكومه وهو وسط الجنود .

  • وقد بذل جهدا كبيرا فى سبيل تحسين احوال الجيش من الناحيه الماديه والمعنويه ، وكان الجيش قد اضمحل فى عهد عباس حلمى الاول ، وفقد الروح التى كانت تفيض عليه صفات العظمه والبطوله فى عهد محمد على وابراهيم باشا ، فعمل سعيد باشا على ان يرد الى الجيش صبغته الوطنيه ، وبذل جهدا كبيرا فى تحسين احواله ، فقرر تقصير مدة الخدمه العسكرية ، كما جعلها اجباريه للجميع ، كما اهتم بحالة الجنود والترفيه عنهم من ناحية الغذاء والمسكن والملبس وحسن المعاملة ، وكان لهذا الاصلاح اثره على المجندين واهاليهم .

  • كما اهتم سعيد باشا بالبحرية المصرية بعد مااصابها من الاضمحلال والاهمال فى عهد عباس حلمى الاول ، فأهتم بالاسطول البحرى ، وقام بأصلاح السفن الحربيه المصرية بعد عودتها من حرب القرم وانشاء سفن جديده ، الا ان انجلترا خافت ان تعود الى مصر قوتها البحرية التى كانت لها فى عهد محمد على ، فأقنعت الحكومة التركيه بأن تمنع سعيد باشا من ان يقوم بتجديد الاسطول ، واقنعت السلطان بأن هذا العمل ان تم ربما يكون خطرا يهدد تركيا كما حدث فى عهد محمد على ، فأقتنع السلطان لهذه الدسائس واصدر اوامره الى سعيد باشا بالتوقف عن اصلاح سفن الاسطول او انشاء سفن جديده الا بأمره ، وكان هذا سببا لأضمحلال قوة مصر البحرية .

اهتمامه بالملاحه البحرية :

  •  احداهما بحرية وهى شركة الملاحه النيلية والتى اسسها سنة 1854 وكان الغرض منها نقل الحاصلات والمسافرين بطريق النيل على البواخر .

  • والشركة الثانيه هى شكرى الملاحه البحريه ( الشركة المجيدية ) وهى شركة مساهمه اسست سنة 1857 ، وقد كان رئيسها الامير مصطفى فاضل ابن ابراهيم باشا ، ومجلس ادارتها خليط بين الوطنيين والاجانب ، وهم نوبار باشا ، ( وكان وقتها لم يزل بك ) نائبا للرئيس ، وعبد الله بك والمسيو دمريكر والمسيو رويستر وسعيد افندى وهوج توربرن والمسيو زكالى .

  • وقد سميت ( المجيديه ) نسبة الى اسم السلطان عبد المجيد الذى كان يتولى عرش السلطنه العثمانيه انذاك ، وكان الغرض منها تسيير البواخر فى البحر الاحمر ومنه الى المحيط الهندى ثم الخليج الفارسى ، وفى البحر الابيض المتوسط ، وكانت تقوم بالملاحه بين السويس وثغور الحجاز واليمن والقصير وسواكن ومصوع ، وتنقل الحجاج ذهابا وايابا الى الحجاز ، ولها بواخر اخرى بالبحر الابيض المتوسط ، ومدة امتيازها ثلاثون عاما ، وبواخرها ترفع الراية المصرية .

  • الا ان هذه الشركة اصابها الاهمال فى اواخر عهد سعيد باشا لفساد ادارتها ، فحلتها الحكومة وتولت تصفيتها فى عهد اسماعيل ، واعادت الاسهم الى اصحابها مقسطه على عشر سنوات ، وحلت محلها الشركة العزيزيه التى انشأها الخديوى اسماعيل بعد ذلك .

حروب خاضتها مصر فى عهد سعيد باشا :  

 

اشتركت مصر فى عهد سعيد باشا فى حربين :

  • الاولى : حرب القرم

  • الثانيه : حرب المكسيك

  • وسيتم الحديث عنهم بشكل مفصل فيما بعد فى موضوع منفصل .

اهتمام سعيد باشا بالسودان :

  • اهتم سعيد باشا مثل ابيه بالسودان ، هذا الجزء العظيم المتمم لمصر ، وفى اول عهده جعل على باشا شركس حكمدارا للسودان ، واوفد اخاه الامير عبد الحليم باشا للتفتيش على ادارته ، واصلاح شئونه ، ولكن الامير لم يطل البقاء فيه ، حيث ظهر وباء جعله يعجل بالعوده الى مصر ، ثم اعتزم سعيد باشا ان يزور السودان بنفسه ليتفقد احواله كما فعل ابوه محمد على باشا من قبل ، فذهب اليه بصحبه مجموعه خاصه من رجاله واصدقائه ، مثل راغب باشا وذو الفقار باشا وابراهيم بك النبراوى ، ودلسبس ، واخرين ، ووصل الى الخرطوم فى 16 يناير سنة 1857 والتقى بالاعيان ، فقدموا له شكاوى كثيره خاصه بضخامة الضرائب ومظالم الحكام ، فأستمع الى شكواهم وتألم لحالتهم ، وبدأ فى ايجاد حلول مشاكلهم ، فأمر بأعفاء الاهالى من المتأخر عليهم من اموال ، وخفض الضرائب تخفيضا عظيما ووضع قاعده ثابته لتقدير قيمتها ، كما قرر عزل الموظفين الاتراك الذين كان الاهالى يشكون من سوء معاملتهم ، وبدأ فى تعويد الناس حكم انفسهم بأنشاء مجالس محليه موثقة من اعضاء يختارون من رؤساء العشائر والعائلات ، ورفع المظالم عن الاهالى ، كما انشأ محطات فى صحراء كروسكو لتسهيل نقل البريد والمسافرين بين مصر والسودان ، وانشأ نقطة عسكريه على نهر سوباط لمنع تجارة الرقيق ، كما عهد الى موجيل بك كبير المهندسين وذلك بعد عودته الى مصر عهد اليه تسهيل سبيل المواصلات بين وادى حلفا والخرطوم ، كما جعل السودان خمس مديريات مستقله فى ادارتها بعضها عن بعض ، وبعد ذلك رأى ان استقلال مديرى الاقاليم جعلهم يجنحون الى الظلم والاستبداد ويسيئوا الى الاهالى ، فألغى استقلالهم واعاد منصب حكمدار السودان .

  • واهتم سعيد باشا بالرحلات والاستكشافات الجغرافيه فى انحاء السودان ، فكثر عدد المكتشفين فى عهده ، الا انهم كانوا من الاجانب وتعتبر تلك هى نقطة ضعف بالنسبه للسودان من ناحية سعيد باشا .

التعليم :

  • لم يهتم سعيد باشا بالتعليم او بالحياة العلمية ، بل استمر الجمود الذى اصابها فى عهد الخديوى عباس ، ويعتبر اهمال سعيد للتعليم من اهم نقاط الضعف اثناء فترة حكمة على الرغم من وجود العديد من الانجازات فى مجالات اخرى .

  • وقد قال المسيو ( مريو ) وهو من المعجبين بالخديوى سعيد ، قال فى كتابه ( مصر الحديثه ) :

  • " لايخفى ان المدارس قد اهملها عباس ، فأصابها الاضمحلال والتدهور ، وبلغت حين تولى سعيد الحكم درجه من التقهقر والفوضى جعل الباشا يرى من الحكمه اقفالها نهائيا ، بدلا من السعى فى تنظيمها ، اذ كان السعى عبثا لايجدى " .

  • ومما سبق يتضح ان الخديوى سعيد بدلا من ان يقوم بتطوير العمليه التعليميه والاهتمام بها وتحديثها ، وجد انه من الافضل بل واعتقد من الاسهل هو اقفال المدارس نهائيا !!! .

الوزارات :

  • فى سنة 1857 اعاد سعيد باشا تنظيم الدواوين الحكومية ، فجعل منها اربع وزارات وهى الداخلية والمالية والحربيه والخارجية .

ولاية القضاء :

  • كان الخديوى سعيد قد نال من السلطان حق اختيار القضاه بعد ان كان العمل جاريا على ان قاضى القضاه المولى من قبل السلطان هو الذى يقوم بتعيينهم ، ويعتبر هذا هو اهم اصلاح قضائى تم فى عهد سعيد باشا ، وهذا الاصلاح قد حقق الاستقلال القضائى لمصر بالاضافه الى انه قد منع مصدرا من مصادر الفساد فى النظام القضائى .

ثغرات التدخل الاجنبى :

  • اجتمع فى سعيد باشا عيبان اساسيان ، الاول : ضعف ارادته وقلة حظه من العزم والحزم ، والثانى : هو ثقته الزائده بالاجانب ، بحيث لم يكن يقوى على ان يخالف لهم رأيا او يرد لهم طلبا ، وقد اتخذ منهم بطانته وموضع سره ، ومن هنا انفتحت فى مصر ثغرات التدخل الاجنبى ، واهمها على الاطلاق منح امتياز قناة السويس والاستدانه من البيوت الماليه الاجنبيه .

القروض الاجنبية :

  • بدأ عهد القروض الاجنبية خلال حكم سعيد باشا ، وقد كانت تلك القروض هى بداية الكوارث التى اصابت البلاد بعد ذلك خلال عهد اسماعيل وتوفيق .

  • وليس معروفا بالتحديد ما الذى جعل سعيد باشا يلجأ الى القروض وخاصة ان هذا لم يكن من سنة ابيه ، كما ان الحكومة لم تكن فى حاجه ملحه الى الاستدانه من البيوت الماليه الاجنبيه ، فقد كانت سنوات حكم سعيد فى مجملها سنوات يسر ورخاء ، بالاضافه الى عدم وجود حروب طويلة تستنفذ موارد الحكومة المالية .

امتياز قناة السويس :

  • يعتبر مؤرخو اوروبا والفرنسيين خاصة بأن مشروع قناة السويس هو مفخرة سعيد باشا ، ويقولون انه بهذا العمل قد ادى اعظم خدمة للانسانية والحضارة ، وهم فيما يقولون انما ينظرون الى هذا العمل من وجهة النظر الاوروبية ، فلا شك ان قناة السويس قد افادت التجارة الاوروبية فوائد كبيره ، وذلك بتقريبها طريق المواصلات بين اوروبا والشرق ، وافادت ايضا الاستعمار الاوروبى ، لانها مكنت الدول الاستعمارية من ارسال الحملات من طريق القناة الى اسيا وافريقية لأخضاع ممالك الشرق وشعوبه ، ورفعت عن تلك الدول مشقات اجتياز طريق المحيط الاطلنطى ورأس الرجاء الصالح .

  • لذلك فأنه من الوجهه الاوروبيه فأنه لاجدال فى ان فتح قناة السويس عاد بأعظم الفوائد على التجاره الاوروبيه والاستعمار الاوروبى .

  • اما من وجهة النظر المصرية فأن القناة كانت شئوما على البلاد واستقلالها ، لانها طمعت فيها دول الاستعمار ، وجعلتها تسعى دائما للاستيلاء على مصر ، وتضاعف جهودها لتحقيق هذا الغرض ، ومما لاشك فيه ان مطامع الاحتلال الانجليزى قد تضاعفت فى مصر بعد ان تم حفر قناة السويس ، وكانت زريعتها فى ذلك هو الاطمئنان على ان هذا الطريق الجديد ، ولهذا فأن المصريين ينظرون الى قناة السويس نظرة تختلف عن الاوروبيين الذين ينظرون اليه على انه افضل اعمال الخديوى سعيد فى مصر الا اننا كمصريين نرى انه اكبر غلطه فى تاريخه ، لانه عمل على فتح باب التدخل الاستعمارى فى مصر ، وجعلها هدفا للمطامع الاوروبيه .

  • وكانت بداية الفكره حينما ارسل المسيو فردينان دلسبس رساله يهنىء فيها سعيد باشا بأرتقاء عرش مصر ، ويبلغه عن حضوره ليقدم له فروض التهانى ، ( فقد كان والد دلسبس " الكونت ماتيو دلسبس " تربطه صله قديمه بمحمد على باشا منذ ان كان قنصلا لفرنسا فى مصر سنة 1803 ) فأجابه سعيد على تهنئته ، واستدعاه الى مصر ، فسرعان ماجاء الى الاسكندرية فى نوفمبر سنة 1854 ، واستقبله سعيد باشا بحفاوه بالغه ، ثم اصطحبه فى رحله من رحلاته الحربيه ، وسار معه من الاسكندرية الى مصر عن طريق الصحراء الغربيه .

  • فأغتنم دلسبس هذه الفرصه ليفاتح سعيد باشا فى مشروع قناة السويس ، وزين له انه اذا وفق فى هذا المشروع فأنه سيخلد ذكراه ويكسب ثناء العالم بأسره ، وكان سعيد باشا يعلم ان والده محمد على باشا قد رفض فكرة قناة السويس من قبل ، الا انه قبل المشروع اما اغراءات دلسبس ووعده بمساعدته وتأييده فى تحقيقه .  

 

منح امتياز القناة :

  • عندما وصل سعيد باشا الى القاهره ومعه فردنان دلسبس لم تكد تمضى ايام معدوده حتى منحه بموجب العقد المؤرخ فى 30 نوفمبر سنة 1854 امتياز تأسيس شركة عامة لحفر قناة السويس ، واستثمارها لمدة 99 عاما ابتداء من تاريخ فتح القناة للملاحة ، وهكذا حصل دلسبس على بغيته التى كان يسعى لها منذ ثلاث وعشرين عاما ، وهذا العقد هو المعروف بعقد الامتياز الاول ، وتواصلت بعد ذلك جميع الاجراءات الخاصة بالمشروع ، وكان سعيد باشا قد اشترط لصحة الامتياز ان يصدق عليه السلطان العثمانى ، على الرغم من نيته تنفيذ المشروع بغض النظر عن هذا التصديق .

مسيو فردنان دلسبس يعرض على سعيد باشا مشروع قناة السويس

السيد فرديناند دليسبس وزوجته وبعض الاقارب فى ا لاسكندرية فى سنة 1869

فرديناند دليسبس فى اواخر حياته

 

البدء فى حفر القناة :  

 

حفر القناة

  • وفى 25 ابريل سنة 1859 ذهب المسيو دلسبس الى شاطىء البحر الابيض فى الموقع الى انشئت فيه بعد ذلك مدينة بورسعيد ، واقيم هناك احتفالا كبيرا ضرب فيه دلسبس اول معول فى ارض القناة ، واقتدى به الحاضرون ، فكانت تلك الضربة ايذانا بالبدء فى العمل ، وكانت فى الواقع هى اول ضربة فى صرح استقلال مصر .

  • ومر المشروع بعد ذلك بعدة مشاكل الا ان العمل استمر اى ان جرت مياه البحر الابيض فى القناه حتى بحيرة التمساح ، وذلك فى 18 نوفمبر سنة 1862 ، والى هذه المرحلة وصلت القناة فى عهد سعيد باشا .

وفاة سعيد باشا :

  • ذهب سعيد باشا الى اوروبا ليستشفى من مرض خطير اصابه ، الا انه لم  ينجح فيه اى علاج فى الخارج ، فعاد الى الاسكندرية فى اواخر سنة 1862 ، وقد اشتد عليه المرض ، حتى توفى فى صباح يوم 18 يناير سنة 1863 ، وقد بلغ من العمر 42 عاما ، وقد كانت مدة حكمة ثمانى سنوات وتسعة اشهر وستة ايام ، ودفن فى الاسكندرية فى مسجد النبى دانيال .

  • رحم الله الخديوى سعيد الذى قام بالكثير والكثير فى مدة حكم قليلة لم تتجاوز التسع سنوات ، وانا شخصيا ارى ان حتى مقولة انه اخطأ بحفر قناة السويس ، الا ان اليوم وبعد مرور تلك السنوات الطويلة ، اصبحت قناة السويس تمثل قيمة كبيرة لمصر ، بل وتعتبر من اهم مصادر الدخل القومى المصرى .

  

زوجات سعيد باشا ومستولداته :

  • أنجي هانم

  • ملك برهانم وقد رزق منها ولديه الأمير محمد طوسون باشا والأمير محمود

 

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net