عباس محمود العقاد - 1889 - 1964

 

المولد والنشأة :

 

ولد عباس محمود العقاد فى اسوان فى  29 شوال 1306 هـ - 28 يونيو  1889، وهو من أصول كردية وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة أسوان الأميرية ، وحصل منها على الشهادة الابتدائية سنة 1903م ، و بعد التحاقه بالمدرسة الابتدائية كتب موضوعاً عن الحرب و السلام ، و استمع إلى هذا الموضوع الإمام محمد عبده ، وقد ناقش العقاد فيه و الذى كان بطبيعته يفضل الحرب  .

كان والد العقاد واسمه محمود إبراهيم مصطفى العقاد مديراً لإدارة المحفوظات بمديرية أسوان وقد اشتهر بالتقوى وكرم العنصر وعرف بالتنظيم في عمله وقد تسلم محفوظات الإدارة وهي في أسوأ حال فعكف على تنظيمها وترتيبها حتى أصبح من اليسير الاستدلال على ما تفرق من أوراقها المكدسة .

 

أما والدة العقاد فقد عرفت بالنشاط والتقوى ، وجده لأمه هو محمد أغا الشريف ويعزى نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض المراجع بينما يعزوه أحد المراجع إلى العباس بن عبد المطلب .

وفي أثناء دراسته كان يتردد مع أبيه على مجلس الشيخ أحمد الجداوي ، وهو من علماء الأزهر الذين لازموا جمال الدين الأفغاني ، وكان مجلسه مجلس أدب وعلم ، فأحب الفتى الصغير القراءة والاطلاع ، فكان مما قرأه في هذه الفترة ( المُسْتَطْرَف في كل فن مستظرف ) للأبشيهي ، و( قصص ألف ليلة وليلة ) ، وديوان البهاء زهير و ما كتبه عبد الله النديم و دائرة المعارف و غيرها ، وصادف هذا هوى في نفسه ، ما زاد إقباله على مطالعة الكتب العربية والإفرنجية ، وبدأ في نظم الشعر .

 

أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان" ، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق ، ثم عمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط ، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا حيث حصل على الشهادة الإبتدائية فقط ، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات ، و بعد تخرجه من المدرسة ظلت الكتب هى شاغله الوحيد ، فقد أخذ يتردد على العاصمة الأم القاهرة لشراء الكتب ، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب ، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا ، ثم نقل إلى محافظة الشرقية .

وانكب على كتب الأدب يقرؤها مشتغلاً بالتدريس وقد بلغ من نبوغه أن الامام محمد عبده زار المدرسة وقرأ ما كتبه الطالب العقاد فأعجب بذلك وقال : ما أحرى أن يكون هذا كاتباً بعد ، وعندما كان العقاد في الخامسة عشرة من عمره يدرس التقى لأول مرة بالزعيم مصطفى كامل رحمه الله .

يقول العقاد : ( رأيت مصطفى كامل لأول مرة وأنا في الخامسة عشرة كنت ببلدتي في أسوان اشتغل مع زملائي بإحدى الدعوات المحلية وهي دعوة التطوع للتعليم بالمدارس الأهلية ، وخرج مصطفى كامل ذات صباح يتمشى على شاطىء النيل ومعه الكاتبة الفرنسية مدام جوليت والإنجليزية مسز يونج فدعاه صاحب المدرسة الأهلية ، ودخل مصطفى كامل السنة الرابعة وفيها درس اللغة العربية ( يقصد العقاد أنه كان المدرس ) فجلس مكان التلميذ الذي يكتب على اللوحة وأملى بيت أبي العلاء :

والمرء ما لم تعد نفعاً إقامته

غيم حمى الشمس لم يمطر ولم يسر

وطلب من التلميذ شرح معناه فتلعثم التلميذ فاسعفت التلميذ معتذراً بأن الغيم الذي لا يمطر في أسوان ولا يسير نعمة محبوبة وأن الغيم الممطر وغير الممطر عندنا قليل .

وفي عام 1905م والعقاد في السادسة عشرة يذهب العقاد إلى القاهرة وبدأ في مقابلة الإعلام فالتقى في تلك السنة يعقوب صروف وجورجي زيدان ومحمد فريد الزعيم الوطني .

مل العقاد العمل الروتيني ، فعمل بمصلحة البرق ، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها ، فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه ، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور ، وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه ، حيث لم يمضى على عمله في الصحافة حتى أصبح أول صحافي يجري حواراً مع وزير، هو الزعيم الوطني سعد زغلول ، وزير المعارف في ذلك الوقت .

وتوقفت الصحيفة بعد فترة ، وهو ماجعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه ، فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه ، لم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا ، رغم ما مر به من ظروف قاسية ، حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول ، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات ، ولكنه لم يتمكن من مجابهة الأعباء المادية ، فاضطر إلى السفر عائداً إلى أسوان ، حيث ألف كتاب ( خلاصة اليومية ) واستقر في أسوان سنتين ، وعانى في هذه الفترة من آلام المرض وضيق اليد .

 

عاد العقاد إلى القاهرة ، حيث تعرف إلى عبد القادر المازني ، وتوثقت الصلة بينهما عام 1911 ، وكان الأديب محمد المويلحي ، صاحب كتاب ( عيسى بن هشام ) من المعجبين بكتابات العقاد ، فأسند إليه سنة 1912 وظيفة مساعد لكاتب المجلس الأعلى لديوان الأوقاف .

وأصدرت دار الهلال للعقاد أول كتبه ( خلاصة اليومية ) عام 1912 وكذلك الشذور عام 1913 والإنسان الثاني عام 1913م . وفي عام 1913 م أصدر عبدالرحمن شكري الجزء الثاني من ديوانه فكتب له العقاد مقدمة قيمة ، وفي عام 1914م قدم الجزء الأول من ديوان المازني . وجاء دور العقاد ليخرج أول دواوينه عام 1916م وهو ( يقظة الصباح ) ، وقد احتوى الديوان على قصائد عديدة منها ( فينوس على جثة أدونيس ) وهي مترجمة عن شكسبير وقصيدة ( الشاعر الأعمى ) و ( العقاب الهرم ) و ( خمارويه وحارسه ) و( رثاء أخ ) و (ترجمة لقصيدة الوداع )  للشاعر الاسكتلندي برنز .

 

ونجح العقاد بعد عمله في جريدة ( الأهرام ) سنة 1919 ، في كشف خداع لجنة ملز وتدليسها من خلال تلاعبها في ترجمة النصوص الخاصة بالحكم الدستوري لمصر ، وانضم إلى جماعة  ( اليد السوداء ) المعارضة للحكم ، واشترك في كتابة منشوراتها .

وتقوم الحرب العالمية الأولى وينفى سعد من البلاد وتتوثق صداقة العقاد مع زعيم الوفد ويصبح كاتب الوفد الأول فاشتغل بالحركة الوطنية التي اشتغلت بعد ثورة 1919م ، وصار من كُتَّابها الكبار مدافعًا عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال ، وأصبح الكاتب الأول لحزب الوفد ، المدافع عنه أمام خصومه من الأحزاب الأخرى ، ودخل في معارك حامية مع منتقدي سعد زغلول زعيم الأمة حول سياسة المفاوضات مع الإنجليز بعد الثورة .

وبعد فترة انتقل للعمل مع عبد القادر حمزة سنة 1923 في جريدة البلاغ ، وارتبط اسمه بتلك الجريدة ، وملحقها الأدبي الأسبوعي لسنوات طويلة ، ولمع اسمه ، وذاع صيته واُنْتخب عضوا بمجلس النواب ، ولن يَنسى له التاريخ وقفته الشجاعة حين أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور ، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات ، والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان ، فارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلا : ( إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه ) ، وقد كلفته هذه الكلمة الشجاعة تسعة أشهر من السجن سنة 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية .

 

 

ظل العقاد منتميًا لحزب الوفد حتى اصطدم بسياسته تحت زعامة مصطفى النحاس باشا في سنة 1935 ، فانسحب من العمل السياسي ، وبدأ نشاطُه الصحفي يقل بالتدريج وينتقل إلى مجال التأليف ، وإن كانت مساهماته بالمقالات لم تنقطع إلى الصحف ، فشارك في تحرير صحف روزاليوسف ، والهلال ، وأخبار اليوم ، ومجلة الأزهر .

وأصدر سنة 1936 صحيفة ( الضياء ) ، لكنها لم تستمر ، وكتب في صحيفة ( الفتاة ) مهاجماً معاهدة 1936 ، وأصدر عام 1937 ديوان ( عابر سبيل ) وإنضم إلى عبد القادر حمزة في تحرير جريدة ( البلاغ ) .

ونشر سنة 1938 قصة ( سارة ) ،  وعام 1939 كتاب ( رجعة أبي العلاء ) ،  وأصدر كتابين عام 1940 هما ( هتلر في الميزان ) و  (النازية والأديان) ، كما عُيّن عضوا في المجمع اللغوي .

وتقوم الحرب العالمية الثانية ويقف الأديب موقفاً معادياً للنازية جلب له المتاعب ، وأعلنت أبواق الدعاية النازية اسمه بين المطلوبين للعقاب .. وما ان اجتاحت جنود روميل الصحراء واقتربت من أرض مصر حتى تخوف العقاد لما لمقالاته النارية من وقع على النازية تلك المقالات التي جمعها بعد ذلك في كتابين هما ( هتلر في الميزان ) و(الحرب العالمية الثانية ) فآثر العقاد السلامة وسافر عام 1943م إلى السودان حيث احتفى به أدباء السودان حفاوة بليغة ، وهزم النازي ورجع العقاد إلى قاهرته .

 

وبعد الحرب ، بدأ العقاد سلسلة كتبه الإسلامية حيث أصدر بين نهاية الحرب وأوائل سنة 1950م عدداً منها مثل  ( عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم ) ،  و( مطلع النور ) ،  و( عبقرية الصديق ) ،  و( عبقرية عمر ) ، و( بلال مؤذن السماء ) ، و( عبقرية الإمام ) و ( عبقرية خالد ) ، و ( عبقرية عثمان بن عفان ) ، و( عبقرية عمرو بن العاص ) ، و من خلال هذه العبقريات تعرفنا على بعض السمات الشخصية و النفسية و العقلية و أيضاً الإنسانية لهؤلاء العباقرة ، و قد كتب أيضاً عن حياة السيد المسيح عليه السلام .

وفي 23 يوليو 1952م انتهى حكم أسرة محمد علي باشا 

 

وقد تميزت فترة الخمسينيات عند العقاد بمزيد من الكتب الإسلامية مثل  ( ما يقال عن الإسلام ) ، و( الإسلام في القرن العشرين ) ، و( المرأة في القرآن ) .

وعين عام 1956 عضواً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ومقرراً للجنة الشعر ، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1959 .

ظل العقاد عظيم الإنتاج ، لا يمر عام دون أن يسهم فيه بكتاب أو عدة كتب ، حتى تجاوزت كتُبُه مائةَ كتاب ، بالإضافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في بطون الصحف والدوريات ، ووقف حياته كلها على خدمة الفكر الأدبي حتى لقي الله في 12 مارس  1964 .

و العقاد رحمه الله من العظماء الذين أضيئت الدنيا بعلمهم و استفدنا بتنويرهم .

 وقد منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلمها ، كما رفض الدكتوراة الفخرية من جامعة القاهرة .

اشتهر بمعاركه الفكرية مع الدكتور زكي مبارك والأديب الفذ مصطفى صادق الرافعي والدكتور العراقي مصطفى جواد والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) ، وكان الأستاذ سيد قطب يقف في صفه .

تُرجمت بعض كتبه إلى اللغات الأخرى ، فتُرجم كتابه المعروف ( الله) إلى الفارسية ، ونُقلت عبقرية محمد وعبقرية الإمام علي ، وأبو الشهداء إلى الفارسية ، والأردية ، والملاوية ، كما تُرجمت بعض كتبه إلى الألمانية والفرنسية والروسية ، وأطلقت كلية اللغة العربية بالأزهر اسمه على إحدى قاعات محاضراتها ، وسمي بأسمه أحد أشهر شوارع القاهرة وهو شارع عباس العقاد الذي يقع في مدينة نصر .

 

عباس محمود العقاد والفنانة هند رستم

 

 

شعره :

  • وحى الاربعين .

  • هدية الكروان .

  • عابر سبيل .

  • يقظة الصباح .

  • وهج الظهيرة .

  • أشباح الأصيل .

  • أشجان الليل .  

  • أعاصير مغرب .

  • بعد الأعاصير .

  • عرائس وشياطين . 

مؤلفاته :

 

تجاوزت مؤلفات العقاد مائة كتاب ، شملت جوانب مختلفة من الثقافة الإسلامية ، والإجتماعية بالإضافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في الصحف والدوريات ، ومن هذه الكتب :

  • الله جل جلاله - كتاب في نشأة العقيدة الإلهية .

  • إبراهيم أبو الانبياء .

  • عبقرية المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث .

  • عبقرية محمد .

  • داعى السماء بلال بن رباح مؤذن الرسول .

  • عبقرية الصديق .

  • عبقرية خالد .

  • عبقرية عمر .

  • عثمان بن عفان ذو النورين .

  • شاعر الغزل عمر بن أبى ربيعة .

  • أبو نواس الحسن بن هانئ .

  • ابن الرومي: حياته من شعره .

  • رجعة أبى العلاء .

  • الرحالة كاف : عبد الرحمن الكواكبي .

  • محمد عبده .

  • شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي .

  • رجال عرفتهم .

  • سعد زغلول زعيم الثورة .

  • مع عاهل الجزيرة العربية .

  • سارة .

  • أنا .

  • الصديقة بنت الصديق .

  • الحسين أبو الشهداء .

  • عمرو بن العاص .

  • معاوية بن أبي سفيان في الميزان .

  • فاطمة الزهراء والفاطميون .

  • حقائق الإسلام وأباطيل خصومه .

  • الفلسفة القرآنية .

  • التفكير فريضة إسلامية .

  • مطلع النور أو طوالع البعثة المحمدية .

  • الديمقراطية في الإسلام .

  • الإنسان في القرآن الكريم .

  • الإسلام في القرن العشرين .

  • مايقال عن الإسلام .

  • أفيون الشعوب .

  • هذه الشجرة .

  • جحا الضاحك المضحك .

  • غراميات العقاد .

  • حياة قلم .

  • طوالع البعثة المحمدية .

  • خلاصة اليومية .

  • مذهب ذوي العاهات .

  • لا شيوعية ولا استعمار .

  • الصهيونية وقضية فلسطين .

  • الشطرنج .

  • الشذور .

  • بين الكتب والناس .

  • يسألونك .

  • قيم ومعايير .

  • فلسفة الغزالي .

  • ابن رشد.

  • عقائد المفكرين في القرن العشرين .

  • حياة قلم .

  • ما كان وما سيكون .

  • شاعر أندلسي وجائزة عالمية .

  • مطالعات في الكتب والحياة .

  • روح عظيم أو المهاتما غاندي .

  • آراء في الآداب والفنون .

  • عبقرية الإمام علي .

  للدخول إلى مكتبة العقاد (اضغط هنا(  

 

الصفحة السابقة

 

Copyright 2008 © www.faroukmisr.net